من البديهي أن أي مبادرات لا يمكن أن تكسب الفعالية و النجاعة دون إعلام رصين يرتكز على تحليل الفكرة أو المشروع و تفكيك أبعادها و البحث عم زوايا الإقناع المتين بتوظيف اللغة و الصورة و الحجة.
و هكذا ، لإبراز هذه العلاقة الجدلية بين الإعلام و المسار التنموي بهذا المجال الجغرافي كموقع و ملتقى حضاري سأحاول إتباع الخطوات التالية :
- التساؤلات كمفاتيح للتحليل : كيف يمكن للفاعل الإعلامي أداء و وظائفه وأدواره لمواكبة المسار التنموي بالصحراء المغربية ؟ أي سبل وميكانيزمات بناء علاقة تكاملية للتسويق الترابي لهذا الفضاء الترابي ؟.
- كيف يمكن للفاعل الإعلامي أن يساهم في إبراز المسار التنموي بالصحراء المغربية بتوظيف المعلومة و الصورة و التوثيق |؟
الخطوات المنهجية للتحليل
1 – تحديد الإطار المفاهيمي :
1.1 التنمية :
- لغة هي النمو وارتفاع الشيء وانتقاله من موضع لآخر .
- اصطلاحا هي عبارة عن تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة في النتاج والثروة والخدمات المجتمعية.
- مفاهيميا : التنمية هي عملية تغيير كلي وشامل مخطط يقوم بها الإنسان للانتقال بالمجتمع إلى وضع أفضل وبما يتوافق مع انتظاراته ومدخراته، وهي تشمل التنمية الاقتصادية ، التنمية الاجتماعية ، التنمية السياسية ، التنمية الثقافية ، التنمية البيئية.. وأحيانا التنمية البشرية أو الإنسانية ، وبالتالي فالتنمية حق من حقوق الإنسان (1).
2.1 الإعـــــلام :
- لغة : مصدر من أعلم يعلم، أي أخبر يخبر.
- اصطلاحا : عملية نقل الخبر أو وجهة النظر أو كليهما من طرف إلى طرف آخر.
- مفاهيميا : الإعلام هو خاصية إنسانية تتم عبر تفاعل إنساني أ بين البشر لما يمتازون به من ميزات العقل واللغة.
2 – تحديد المرجعية كسند لبناء شرعية الوظيفة :
2.1 – دستور المملكة المغربية لفاتح يوليوز 2011.
2.2 الخطب الملكية والرسائل الملكية.
2.3 الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية.
2.4 تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتعلق بالنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.
2.5 خلاصات القيادة المركزية لتتبع تنفيذ البرنامج التنموي.
2.6 السياسات العمومية الداعمة للبرنامج التنموي.
2.7 مخططات التنمية الجهوية + برنامج عمل الجماعات ومجالس العمالات والأقاليم.
8.2 توصيات المناظرات الوطنية والإستراتيجية الوطنية لإصلاح منظومة الإعلام.
9.2 الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي وتكنولوجيا الاتصال.
3 – المسار التنموي بالصحراء المغربية : الصيرورة والاستمرارية.
منذ استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حضن الوطن في 6 نونبر 1975 ، ما فتئت الدولة ومختلف الفاعلين والمؤسسات برعاية ملكية سامية ، القيام بمجهودات جبارة ومتواصلة لمواجهة التحديات وخاصة التعجيل بالبنيات والتجهيزات الضرورية لاستقرار الساكنة وتوفير بنيات الاستقبال لضمان انتقال سلسل من مجتمع البداوة (الخيمة) إلى مجتمع التمدن (فضاء المدينة) وخاصة الشبكة الطرقية ، السكن ، الماء الصالح للشرب ، المرافق العمومية كالتعليم والصحة والإدارات الخدماتية بمختلف أنواعها وكذا الموانئ والمطارات والصناعة التقليدية والثقافة والاهتمام بالرأسمال البشري.
لقد استفادت الأقاليم الجنوبية من دعم متزايد للاستثمار العمومي كرافد أساسي للبناء والتشييد .
إن الرعاية الملكية السامية الممنوحة لهذه الأقاليم – كباقي المناطق الأخرى بالمملكة تهدف إلى جعل المنطقة محركا أساسي للتنمية و ملتقى إشعاعي و منصة انفتاح نحو العالم و خاصة العمق الإفريقي للمملكة .
إن تأهيل المنطقة في مختلف المجالات يستدعي التقائية في البرامج و حكامة جيدة في الانجاز و التنفيذ .
إن صورة الواقع تجسد هذا المسار التنموي مما جعل مدن الصحراء المغربية أقطابا اقتصادية لها جاذبيتها لجلب استثمارات وطنية و أجنبية .
إن البرنامج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية ساهم بشكل فعال و مستعجل في تسريع وثيرة التمدن والتأهيل الحضري و التوسع العمراني باستقطاب رأس مال ذو قيمة مضافة و توفير دعامات مرفقية للإقلاع التنموي كمدن المهن و الكفاءات و كلية الطب و الصيدلة و المدرسة العليا للتكنولوجيا والمعهد الإفريقي للبحث الزراعي و المستشفى الجامعي و الفضاءات العامة مما جلب استثمار القطاع الخاص في مجالات متعددة كالصحة و السياحة و المحروقات و الطاقة المتجددة و قطاع الصيد البحري والصناعة التقليدية و السياحة و التعليم الخصوصي و التكوين المهني الخاص … الخ ..
4- الفاعل الإعلامي :
الشاهد على الانجاز و صوت التسويق الترابي.
إن كسب رهانات التنمية يسائل الجميع من سلطات و إدارات و مؤسسات عمومية ومقاولات عامة و جماعات ترابية و قطاع خاص و بنوك و مجتمع مدني و مراكز بحثية و إعلام ، إلى جانب الدولة في إطار مقاربة تشاركية منفتحة و ينطوي دور الإعلام على أهمية كبيرة في هذا السياق على مستوى المواكبة و التسويق و كذا التقييم .
إن النموذج التنموي يرتكز في جزء كبير منه على مبدأ الديمقراطية التشاركية المحلية إذ يؤكد الحوار و التشاور وفتح النقاشات العمومية بصدد عدد من القضايا و الملفات، و على استحضار الخصوصية الثقافية للساكنة ، و هذا أمر طبيعي لأن من ضمن رهانات الخيار الجهوري المساهمة في تعزيز التنوع المجتمعي بصورة بناءة سعيا لخلق الثروة و دعم الاقتصاد المنتج .
إن مهمة الإعلام في عالم اليوم لم تعد تقتصر على نقل الأخبار.
بل تم تجاوز ذلك إلى تشكيل الرأي العام والمساهمة في التنشئة والتواصل والتوعية والتثقيف، وكذا المرافعة والترافع حول عدة قضايا أفقيا وعموديا، جعلت منه فاعلا أساسيا في تعزيز التنمية والممارسة الديمقراطية، حيث بدأ الحديث عن الإعلام التنموي.
إن الإعلام بمختلف أصنافه شريك ناجح لمواكبة ودعم كسب رهانات التنمية عبر مداخل أفقية تتصل بالتسويق والتعريف ، وأخرى عمودية تدعم مواكبته ورصد الإختلالات المطروحة على أسس واقعية وتقييمه أي يصبح الإعلام القناة والأداة التواصلية الفعالة لإبراز حقيقة الواقع عبر الصورة والخطاب.
5- من أجل بناء علاقة التكامل والانسجام بين الفاعل الإعلامي والفاعلون على المستوى الترابي.
إن الإعلام دعامة لإبراز الأدوار الطلائعية التي يقوم بها مختلف الفاعلين على المستوى الترابي كالصحراء المغربية بدعم نقط القوة وصلابة المنجز والرغبة في تجاوز نقط الضعف والاختلالات قصد إصلاحها خدمة للصالح العام.
إن الإعلام المواطن يساهم لا محالة في توثيق الواقع قلما وصورة أي يسجل للوقائع والأحداث بالبراهين والحجج.
إن الاتصالات لصوت الإعلامي الخدوم مؤشر على الوعي الديمقراطي وتشكل جبهة داخلية قوية ومتماسكة ترتكز على المعلومة كقوة للبرهان والحجة مما ستدعي الرعاية والدعم للمقاولات الإعلامية بمختلف أصنافها وكذا مراكز التكوين للإعلام السمعي البصري وذلك بالإصغاء والإنصات للفاعلين في قطاع الإعلام من لدن جميع الشركاء والمهتمين باعتماد التوجيه والتيسير والتحفيز.
خاتمة :
كلما اتسع نطاق الإعلام الرصين ، كلما زاد منسوب الثقة و التماسك الاجتماعي بين المواطن والمؤسسات .
إن دعامة التسويق الترابي للأقاليم الصحراوية المغربية هو الإعلام التنموي كمنير مستنير للإبلاغ والإقناع.