تعتبر سواحل الأقاليم الجنوبية للمغرب سجلاً أثرياً غنياً بالمعلومات التاريخية المتعلقة بالمصائد، وحطام السفن، والمناظر الطبيعية المغمورة من عصور ما قبل التاريخ، إضافة إلى الرسوم الصخرية والآثار المرتبطة بالمياه الداخلية مثل البحيرات والأنهار. إن حماية وتدبير هذا التراث الثقافي المغمور تحت مياه الصحراء المغربية مسؤولية جماعية،
و تلعب جمعية السلام لحماية التراث البحري والمغمور بالمياه دوراً ريادياً في عمليات تفتيش المواقع المغمورة وتقييمات الأثر البيئي والتراثي في منطقة الداخلة.
وفي إطار جهودها، أطلقت الجمعية سلسلة من الأنشطة العلمية والميدانية المرتبطة بالتراث البحري والمغمور بالمياه في الفترة من 15 إلى 18 أكتوبر الجاري بمدينة الداخلة. هذه الأنشطة تقام بتعاون مع المعهد الوطني للآثار بالمغرب، والمعهد البرتغالي للآثار البحرية، ومديرية التراث الثقافي في الرأس الأخضر، وإدارة التراث في السنغال، بالإضافة إلى جامعة نواكشوط في موريتانيا والمعهد الوطني للتكوين البحري بجهة الداخلة واد الذهب.
تشمل الورشات ندوات علمية ودورات تدريبية حول التراث البحري وتقنية الفوتوغرامتري البحرية، وتهدف إلى جعل الداخلة مركزاً عالمياً في هذا المجال، وتعزيز قدرات العاملين في مجال التراث البحري على المستويين الوطني والأفريقي. وخلال الندوة الافتتاحية، شدد السيد عمر بايدن، مدير التراث السنغالي، والسيدة أنا بيساو، مديرة التراث الثقافي بالرأس الأخضر، على أهمية هذه المبادرة، بينما أشار السيد بيدرو كوستا باروس، ممثل المركز البرتغالي للآثار البحرية، إلى أهمية هذه الورشات في تعزيز التعاون بين البلدان المشاركة في مجال دراسة التراث البحري.
وقد توج اليوم الأول بتوقيع اتفاقية شراكة بين جمعية السلام والمؤسسات الدولية المشاركة، دعماً لالتزامات المغرب في إطار عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات. كما تم تكريم شخصيات محلية ودولية ساهمت في حماية التراث البحري، حيث عبر عالم التراث البحري جون إيف بولو عن تقديره لهذه المبادرة بعد مرور 40 عاماً على اكتشافه لسفينة “لاميدوز”.
وتستمر هذه الورشات حتى 18 أكتوبر، حيث سيتم تناول تقنيات جديدة لحماية التراث البحري، بهدف رفع كفاءة الفاعلين في هذا المجال على المستويين الوطني والأفريقي.