نشر بالجريدة الرسمية قرار مشترك صادر عن وزير الشباب والثقافة والتواصل إلى جانب وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، يحدد أسقف دعم التسيير ودعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وطرق صرفهما.
القرار يدفعك مباشرة إلى استحضار تصريحات الوزارة الوصية على القطاع أثناء إجاباتها على تساؤلات النواب والمستشارين المحترمين داخل قبة البرلمان بغرفتيه، ولعل آخرها كان الرد على سؤال لفريق الأصالة والمعاصرة الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس الثلاثاء.
ارتباطا بهذا الأمر، من الجميل أن تقر السيد الوزير بالمجهود الذي تبذله داخل الأقاليم الجنوبية للمملكة، وبنفس درجة الجمال أيضا مهم جدا ظهوركم بلباس المدافع عنا، واعتبارنا صحافة جهوية مهيكلة ومنظمة وتستحق الدعم، دعم يظل شفاهيا بكل تأكيد ومجرد حبر لم يجد له أوراقا يكتب عليها بعد.
لكن إسمحلي أن أذكر بأن تغنيك بالمرونة في التعامل مع الصحافة الجهوية بالأقاليم الجنوبية، السيد الوزير المحترم مسألة تحكم مصداقيتها الأفعال وليس الأقوال، لأن إصرارك هذا على توجيه الدعم العمومي لمؤسسات بعينها، هو الأمر الوحيد المجسد فعليا، بل إن قراركم المشترك كشفها بشكل واضح يعكس حقيقة نوايا بعض زملائك في الحكومة الحالية.
كما أنه من المثير للغرابة، أن وزارتكم لم تتفطن في تقسيمها التعريفي بالمقاولات كفئة يستهدفها الدعم العمومي للقطاع، بين صغرى وأخرى متوسطة وما تمت تسميه “من عير صنف المقاولات المشار إليه أعلاه” حسب المرسوم، والتي هي مربط الفرس أو الفئة التي تستهدفونها بهذا الدعم، وضع يتشكل معه تناقض صريح بين المرسوم والقرار المشترك بالنسبة للصحافة الجهوية وحتى جزء هام من الصحافة الوطنية.
فالمقاولات الصغرى والمتوسطة ستجد نفسها في المرسوم مستفيدة وتتوفر على شروط الاستفادة من الدعم، وعلى مستوى القرار هي خارج منظومة الدعم، حالة تعكس حجم الارتباك والفوضى الناتج عن سعيكم الحثيث إلى إقصاء وإقبار كل المؤسسات الصحفية التي ترونها عائقا قانونيا ودستوريا أمام محاولات ضربكم التعددية والديمقراطية داخل منظومة الصحافة والإعلام.
بل إن الطامة الكبرى اليوم، تتمثل في أن الوزارة تناقش محاولة ترى فيها عملية خلاص من هذا التناقض الحاصل والخطير الذي سقطت فيه، فحسب بعض المصادر، يبدو أن الوزارة التي قد اهتدت إلى فتوى إصدار ملحق جديد لهذا القرار يخص من وجدوا أنفسهم غير معنيين بالقرار، وضع لم أجد له من تعليق سوى المثل المغربي الشهير، “برحي يا لالة بشماتك”.
ختاما أشير إلى أن “شحتنة” قطاع الصحافة والإعلام رهان خاسر ومسلسل نهايته مأساوية لمن يدعمه أو يشجعه، وسينتهي هذا المطاف بنهاية ولاية وزير لم تسجل خلالها أي حسنة تذكر في سجلات تاريخ هذا القطاع، بل إن جيل الرواد اصبح يحن لزمن كان فيه تسيير قطاع الصحافة من اختصاص أم الوزاراة، بل يصفونها أيام عز لهذا القطاع.